إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
84684 مشاهدة
من أركان الإسلام الصيام

...............................................................................


وهكذا أيضا الركن الرابع الذي هو الصيام، إذا واظب عليه فلا شك أنه سوف يعمل أعمالا صالحة من آثار الصيام، فإن الصلاة تأمر بالمعروف، والصيام كذلك أيضا يأمر بالخير وينهى عن الشر. فهذه العبادات إذا واظب عليها العبد أحب جميع أنواع الطاعات وكره جميع المحرمات؛ لذلك زكى النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا السائل؛ حيث التزم بأداء هذه العبادات أداء حقيقيا، وقال: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا كأن الله تعالى أطلعه على أنه سوف يواظب على هذه العبادات، وسوف يحبها من كل قلبه، وسوف يلزمه فيها، وكذلك يواظب على بقية العبادات نوافلها وفرائضها، ويبتعد عن ما تنهاه عنه تلك العبادات، والله أعلم.